ومن أوروبا إلى آسيا والأمريكيتين، تزخر الساحة بأمثلة لاستخدام أحدث التكنولوجيات من أجل التغلُّب على التحديات الفريدة والمضي قدماً في مشاريع الإخراج من الخدمة. ومن المنظمات التي تقف في طليعة هذه الاتجاه معهد تكنولوجيا الطاقة في النرويج، الذي صار في عام 2019 مركزاً متعاوناً مع الوكالة يركِّز على دعم أنشطة الوكالة والدول الأعضاء في مجال رقمنة إدارة المعارف لأغراض إخراج المرافق النووية من الخدمة. وأدَّى المعهد دور الريادة في استخدام نظم الواقع الافتراضي دعماً لصيانة المرافق النووية وإخراجها من الخدمة.
وقال السيد إستفان شزوكه، وهو مسؤول بحوث بالمعهد: "تُستخدم هذه التكنولوجيات لتدريب العاملين، بما في ذلك في وضع تصورات بصرية للإشعاعات، لمساعدتهم على فهم الظروف الإشعاعية. والخبرات الأساسية التي يوفِّرها معهد تكنولوجيا الطاقة تتعلق بدمج النماذج الرقمية الثلاثية الأبعاد للأصول النووية مع النماذج القائمة على علم الفيزياء وعلى الذكاء الاصطناعي، بما فيها النماذج الآنية القائمة على الفيزياء الإشعاعية. ومقتضى ذلك أنَّ التصورات البصرية للإشعاعات توضع بالاستناد إلى أساس فيزيائي حقيقي، وبذلك يمكن استخدام نماذج انتقال الإشعاعات لحساب مستويات الإشعاع الموجودة في البيئة المجاورة للمعدات المعتزم تفكيكها، على سبيل المثال، ثم توضع تصورات بصرية لهذه المستويات لأغراض التخطيط والتدريب". ويشيع الآن العمل بهذه الممارسة في برامج الإخراج من الخدمة بصورة متزايدة، بما في ذلك فيما يتعلق بمفاعلات القوى والبحوث وكذلك في سياق تفكيك مرفق دورة الوقود النووي.
وفي الآونة الأخيرة، دعم معهد تكنولوجيا الطاقة جهداً تعاونيًّا دوليًّا يهدف إلى إنشاء نُظم متكاملة لإدارة المعلومات قائمة على الوحدات النمطية لكي تُستخدم في جميع مراحل عملية الإخراج من الخدمة. وينطوي ذلك على وضع نظام متكامل قائم على المسح الثلاثي الأبعاد والتصميم بمعاونة الحاسوب أو على إعداد نماذج لإدارة المعلومات عن المباني تجمع بين البيانات الإشعاعية الثلاثية الأبعاد وبيانات أخرى. وتُستخدم هذه النماذج أو التصاميم لإدارة جميع المعلومات ذات الصلة، وتُدمج مع نماذج الفيزياء الإشعاعية وغيرها من النظم، ثم تُجمع جميعاً في إطار نظام واحد يدعم مبدأ الحد من الخطر الإشعاعي إلى "أدنى حد يكون من المعقول تحقيقه" (مبدأ ألارا).
وقد استُخدمت عمليات المحاكاة الرقمية والنمذجة الثلاثية الأبعاد بنجاح أيضاً في مشاريع الإخراج من الخدمة في كلٍّ من إيطاليا وسلوفاكيا. واستخدمت الشركة الحكومية الإيطالية المعنية بالإخراج من الخدمة والتصرف في النفايات المشعة (شركة سوغين) نماذج ثلاثية الأبعاد وعمليات محاكاة للمساعدة على التحضير لتفكيك المفاعلات والتصرف في تدفقات النفايات الناتجة. واستخدمت شركة جافيس السلوفاكية المعنية بإخراج المرافق النووية من الخدمة نماذج ثلاثية الأبعاد وعمليات محاكاة في تفكيك مكونات مفاعلات القوى في محطتي A1 وV1 في بوهونيتسه. وعلى غرار معهد تكنولوجيا الطاقة في النرويج، تتقاسم شركتا سوغين وجافيس معارفهما وخبراتهما مع الأوساط النووية العالمية بصفتهما مركزَين متعاونين مع الوكالة في مجال الإخراج من الخدمة والتصرف في النفايات المشعة.
وهناك اتجاه حديث ذو صلة يشير إلى تزايد استخدام الروبوطات، إذ أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تقليل الخطر الذي يتعرض له الموظفون من خلال تمكينهم من العمل بعيداً عن الأدوات المستخدمة في مناولة المكونات، فضلاً عن تحسين الكفاءة لأنَّ الروبوطات المستقلة التي يجري تشغيلها عن بُعد أكثر قدرة على الوصول إلى المناطق التي يصعب دخولها والعمل فيها. ويتزايد استخدام الروبوطات النقالة المزودة بأجهزة استشعار ونظماً ثلاثية الأبعاد لمسح المرافق وجمع البيانات التي يمكن استخدامها في إعداد نماذج ثلاثية الأبعاد للموقع المعني. وقال السيد شزوكه: "يتمثَّل أحد الأهداف الأكثر إلحاحاً في القطاع حاليًّا في اكتشاف كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحويل نتائج عمليات المسح الثلاثي الأبعاد، التي صار إنتاجها الآن سهلاً للغاية، إلى نماذج ذكية لإدارة المعلومات عن المباني. ويرتبط هذا ارتباطاً وثيقاً بوضع ’توائم رقمية‘ للمرافق يمكن استخدامها لدعم إخراج النظم المعقدة من الخدمة، وكذلك لتنظيم المعارف بشأن المرافق طوال دورة عمرها".
وأطلقت الوكالة في عام 2022 مبادرة عالمية تهدف إلى تعزيز دور التكنولوجيات الجديدة والناشئة في إخراج المرافق النووية من الخدمة. والمبادرة هي مشروع تعاوني بين المنظمات المعنية بتخطيط أو تنفيذ أنشطة الإخراج من الخدمة أو الأنشطة البحثية ذات الصلة، وتهدف إلى توفير معلومات عن الأدوات الرقمية والتكنولوجيا الجديدة والناشئة التي تُستخدم في إدارة البيانات والتخطيط للإخراج من الخدمة وترخيصه وتنفيذه.
وقالت السيدة أولينا ميكولايتشوك، رئيسة شعبة دورة الوقود النووي وتكنولوجيا النفايات لدى الوكالة: "إنَّ الغرض من المشروع هو تسخير خبرات مجموعة متنوعة من المنظمات المعنية بالإخراج من الخدمة من أجل الاستفادة من كامل إمكانات التكنولوجيات الجديدة والناشئة". وسوف تنشر الوكالة في عام 2025 نتائج المشروع في تقرير يتضمن معلومات عن الخبرات المكتسبة في بلدان عديدة، بهدف مواصلة دعم نجاح مشاريع الإخراج من الخدمة في جميع أنحاء العالم.